نهج التغيير
إيمان جوهر حيات
10/29/2018
لن أتحدَّث عن تيارات الإسلام السياسي التي عرفت كيف تسلك طريقها بدغدغة مشاعر الناس والتحالف مع المتنفذين والحكومة، وتحكّمت في كل مؤسسات البلد وسيطرت على التعليم ومخرجاته! أتحدث عن بعض التيارات التي تدعي المدنية والتي تنادي بإصلاح ما تم تدميره عبر سنوات من الانصياع والتخاذل والفساد.. ماذا فعلتم لأجل الكويت غير تصريحاتكم الخجولة التي تخشى ما وضع لها من خطوط حمراء؟! للأسف، بعض التيارات المدنية او التي تنادي بالمدنية مشتّتة وغير متآلفة وبينها كثير من الخلافات، فهناك من يسعى لأن يكون البديل لتيارات الإسلام السياسي لينال رضا الحكومة ومكرمتها، وهناك من يريد أن تتصدر وسائل الاعلام صُورهُ وتصريحاته حبّاً في الشهرة والأضواء، وهناك من لديه طموح ليصل الى مقعد في البرلمان، رغم علمه وإدراكه ان صوته الفردي لن يشكّل فارقا بإحداث أي تغيير مرجوّ، إذا لم تعتمد الأحزاب السياسية الديموقراطية وتصوغ أجندات اصلاحية تلاقي القبول والرضا من المجتمع الكويتي، ويحاسب عليها الحزب وليس النائب منفردا! لا نكذب على أنفسنا ونبني لنا قصورا من الرمال سرعان ما تتطاير بأقل نسمة هواء.
الإصلاح الحقيقي ان لم يبدأ من داخل أنفسنا فلن تكون له أي فائدة سوى تضييع الوقت والمجهود وتفاقم الخلاف.
الكويت بحاجة الى وحدة صفنا، بحاجة الى شباب مستوعبين ضرورة التغيير لمواكبة الحاضر والمضي في طريق المستقبل، واعين بحقوقهم، مدركين خطر التقوقع في شرنقة مظلمة ومغلقة تصوّر لنا العالم الخارجي جحيما لا بد من الابتعاد عنه، والحفاظ والتمسُّك على ما تحمله عقولنا من أفكار بائدة لم يعد لها مكان في عالم منفتح ومدول بالكامل، ويحاسب به من يتمرّد على مبادئ الإنسان وحقوقه!
ربما يكون في ذلك بعض المساومات الدولية والتسييس لتلك الحقوق الانسانية التي تستغل بعض القضايا وتهمّش أخرى فقط لتحقيق بعض الأجندات السياسية، ولكن هذا الوضع مؤكدا انه لن يستمر طويلا وسيصل صدى صرخات الأبرياء الى العالم، رغم تطويع اغلب وسائل الاعلام، وسينتج عن ذلك غضب عارم بين أوساط المفكرين والعقلاء والانسانيين والمقموعين من أبناء الشعوب ضد كل تدليس وتزييف وتنكيل غض بصره عن مصير الأبرياء لتحقيق مصالح مشبوهة ومخلوطة بالدماء.
لم يعد التغيير يمتطي الجمال التي تستغرق وقتاً طويلا حتى تصل الى وجهتها المرجوة، بل أصبح يمتطي ذرات الهواء التي لا يخلو منها هذا العالم ولا يستطيع الإنسان التوقف عن استنشاقها أو التخلّص منها.
كيف سنواجه صيرورة التغيير وما زال بعضنا متمسكا بنهج متحجر ينظر للأمور من زاوية ضيقة وكل غايته هو مصلحته الخاصة والمنعزلة عن محيطه الذي يعيش به ويحيا من خلاله؟!
ما يحدث في الصين أو أميركا، من تغيير لن يتوقف هناك، وعلينا ان نفهم ان التغيير سُنة كونية، إما أن نمهد له ونتقبّله، وإما أن نجبر عليه.
لم يعد لدينا المزيد من الوقت للمساومات والنزاعات، والأفضل لنا هو البدء بوضع غاية توافقية، ونسعى جميعا لتحقيقها للوصول الى قوانين إنسانية لا تمييز بين البشر تحافظ على الحرية وترسخ المساواة وتبتعد عن النعرات المتطرفة التي دأبت بعض الحكومات على زراعتها في العقول وتغييب وتجهيل الشعوب لتسود فئة متسلطة وتبقى الشعوب تهيم أسفل القاع.
تلك السياسة لم تعد مثمرة اليوم كما كانت في الماضي، فهذان التغييب والتجهيل هما السبب في هذا التوحّش الذي نراه بالإرهاب الذي وجد لتكسير مجاديف بعض الحكومات وإرضاخ الشعوب لأجندات مشبوهة وتطويعهم للقبول بأن يكونوا عبيدا مقابل أن يعيشوا بأمان! ولم يحصلوا حتى على هذا الأمان!
على التيارات المدنية ان تنهض وتشكل لنفسها رؤية وتعيد ترتيب صفوفها وتتخلّص من إرث خلافاتها الذي أضعف من أدائها، لتستطيع التصدي لهذا العبث المستمر الذي نراه يتكرر بلا رادع.
لا أدعو لنسف الماضي، بل أدعو لان نتعلم من عثراته لبناء حاضر يهتم بقدرات وإمكانية الإنسان ويسعى لاستثمار تلك القدرات والطاقات لأجل الوصول الى مستقبل آمن يسوده السلام.
هل هذا حُلم صعب المنال؟