رسالة كاتو رقم 18
إيمان جوهر حيات
3/22/2021
في الرسالة 18 كتب جون ترينشارد John Trenchard كاتب وسياسي إنجليزي (30 مارس 1649 - 27 أبريل 1695) عن الميل الرهيب للفساد العام وتدمير الدولة، 25 فبراير 1721، ملخص الرسالة التي سأبدأها "بوصف المؤرخ الفرنسي الاباتي فيرتوت Abbot Vertot الذي تحدث عن أمجاد روما التي سقطت في أعماق هاوية الفساد وظهور أمة اخرى مختلفة بيعت بها العدالة علنا في المحاكم، واصوات الناس ذهبت لمن يدفع أكثر، والقناصل بعد أن حصلوا على مناصبهم الرفيعة عن طريق المؤامرات، أو عن طريق الرشوة، ركزوا على إثراء أنفسهم بغنائم الامة، ونهبوا المقاطعات التي يفترض منهم حمايتها والدفاع عنها، والزموا سكانها بتغطية نفقات بذخهم التي تمثلت بما شيدوه من قصور مذهبة الجدران والسقوف، كانت كل أموال الدولة في أيدي الرجال العظماء والمقربين منهم، تغلبت المتعة على الاعتدال، وساد التقاعس عن حب العمل، واصبحت الفخامة والفخر أمرين مألوفين، وغاب الاهتمام بالمصلحة العامة، وبعد كل هذا التبذير والبذخ، سعوا إلى الانتقام من عامة الناس بفرض ضرائب وأعباء جديدة لمواصلة ودعم اسرافهم، وباعوا كل شيء وباعوا اخيرا بلدهم، وتسبب مثل هذا السلوك في تذمر العظماء، والاستياء العام، وفي النهاية الحروب الأهلية، واصبحت روما وكل إيطاليا مجرد مسلخ واحد لمئات الآلاف الذين قدموا التضحيات لطموح قلة، أنهار الدماء تجري في الشوارع العامة، حتى دمر ثلثا الشعب، والبقية أصبحوا عبيداً لأشر البشر.
تمنى الكاتب في رسالته ألا ينطبق ما حدث للدولة الرومانية على العصر الذي كان يعيشه، وشدد على أهمية كبح الفساد والتصدي للاسباب التي تؤدي إلى حدوثه، وذكر أن البشرية دائمًا هي نفسها، وستتصرف دائمًا داخل دائرة واحدة إن لم تتعلم من التجارب السابقة، ودعا لحماية السفينة من الارتطام بالصخور، ونصب عوامات النجاة وعلامات الإرشاد لتحذير وتوجيه الأجيال القادمة، وناشد كل الأيادي للعمل عند المجاديف والحبال، ورمي كل الأمتعة والأبواق غير المجدية لتجاوز العاصفة وانقاذ السفينة.
انتهى عصر الكاتب ومازلنا نشاهد ذات الأحداث تتكرر بوتيرة منتظمة باتجاه الهاوية السحيقة، وقد اصاب اغلب شعوب منطقتنا المنكوبة اليأس والإحباط، وأصبحت وعود الإصلاح التي يرددها اغلب المسؤولين وأصحاب القرار مصدر لسخط اغلب الشعوب المنهكة من الحروب والصراعات والعنف والفساد وهروب الأموال وهجرة العقول والطاقات وتدهور الاقتصاد وتفشي الجهل، شعوب سئمت من الوعود الفارغة ولم تعد تكترث للقوانين التي تطبق بمزاجية ولا تنصف أصحاب الحق! فما هو الضياع أكثر من فقدان القوانين هيبتها؟
رسائل كاتو هي مجموعة من المقالات كتبها الكاتبان جون ترينشارد وتوماس جوردون قبل ثلاثة قرون للدفاع عن الحقوق والحريات، والتسمية تيمنا بكاتو الأصغر، الذي دافع عن جمهورية روما ضد يوليوس قيصر.
علينا أن نتعظ ونستوعب أننا لسنا بمنأى عما يحدث في محيطنا وإن أردنا السلامة فعلينا جميعا التكاتف والبعد عن التأزيم المفتعل، والتمسك بدستور 1962 وإنفاذ كل المواثيق الدولية المصادق عليها التزاما بنص المادتين 70و177، والاهم محاسبة كل رؤوس الفساد وإخضاعهم للمساءلة الدستورية القانونية العادلة دون مماطلة أو تسويف.
لا إصلاح من دون مكافحة آفة الفساد وكسب ثقة المجتمع.