ساحة الإرادة‎

إيمان جوهر حيات

6/15/2020

طرحت مجموعة من التيارات السياسية فكرة فريدة من نوعها، وهي عبارة عن الدعوة لوقفة احتجاجية يتم من خلالها تعبير الناس عن آرائهم ومقترحاتهم عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، فكرة جديدة ومبتكرة ومن الطبيعي أن تواجه بعض الهجوم وهذا الأمر معتاد ومتوقع، فهناك من فقد الأمل بكل شيء، وهناك من دوره في الحياة تثبيط همة الآخرين، وهناك الذباب الإلكتروني.

يكفي للمراقب النظر في كمية التذمر والاستياء التي تجتاح أغلب وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا احد الاسباب باعتقادي التي حفزت تلك التيارات السياسية على تنظيم هذه الوقفة وفتح المجال لجميع المواطنين المستائين من سوء الأداء العام (قبل الوباء وبعده)، والتعبيرعن حبهم لوطنهم باستنكار الفساد المتفشي الذي ينخر بالبلد من خلال أي وسيلة متاحة تراعي ظروف الحظر وتحافظ على التباعد الاجتماعي.

وكان الحل هو تويتر الأكثر استخداما في الكويت.

وهذا مؤشر جيد يدل على سلمية هذا الحراك، ويجب أن تستثمره الإدارة بشكل ايجابي.

وبمجرد بدء الحملة تهافت الناس للتعبير عن آرائهم وطموحاتهم ومقترحاتهم، تجمعهم رغم اختلافاتهم مشاعر الخوف والقلق.

نعم، تلك المشاعر تجسدت في كلماتهم ومضامين جملهم، أغلبهم مثقلون بالهموم تائهون لا يعرفون إلى أين تقودهم تلك الزوابع التي تحاصرهم من كل تجاه.

الأحوال في تراجع مستمر وقضايا الفساد تصدرت المشهد من جديد متخطية الجائحة، بل وأصبحت حديث أغلب أفراد المجتمع.

معظم الرسائل الموجهة للإدارة تطالب بضرورة محاسبة الفاسدين والبدء بالاصلاح، رسائل سلمية متزنة لا تدعو للعنف بل تنادي بضرورة الحكمة ولمّ الشمل ومحاسبة كل من أخفق في أداء مسؤولياته، واستغل ما يملك من سلطة لتحقيق مآربه الخاصة على حساب المجتمع والوطن، فلم تعد الوعود والتصريحات البراقة من بعض المسؤولين أصحاب المواقف المتناقضة وغير الواقعية تشد الشارع كما كانت في السابق، بل أصبحت مصدرا للسخط والسخرية، وهذا مؤشر غير جيد ويدل على اهتزاز وفقدان ثقة الأغلبية بالإدارة الحكومية.

الحلول لا تحتاج لمعجزة بل إلى كفاءات قادرة على تحليل الأسباب التي أدت لتفاقم هذه المشاكل ووضع الحلول الجذرية لها، وقبل ذلك تحتاج لإدارة مؤمنة بضرورة التغيير وبعيدة عن حرب الكراسي وتضارب المصالح، التي تؤجج بين الفينة والأخرى ليس لغاية كشف الفساد المستتر بل لتصفية بعض الحسابات الخاصة على حساب المصلحة العامة، وخلق حالة من الإحباط والشك في نفوس أغلب المواطنين الذين فقدوا الأمل في الخروج من هذه المتاهة المدججة بالعراقيل المسورة بالحواجز.

الكويت تستحق أن نقدم جميعا بعض التنازلات للحفاظ عليها، فهل ستكون الإدارة قدوة وتبادر في لمّ شمل أبنائنا المهجرين والمسجونين بسبب آرائهم وترفع سقف الحريات، وتحقق العدالة الاجتماعية، وتبدأ بالاستثمار بالطاقات البشرية التي هي أساس التنمية المستدامة؟

هذا هو أحد الطرق الذي من الممكن أن نعبر من خلاله إلى بر الأمان.