تسعون يوما ترامبية
إيمان جوهر حيات
8/5/2019
في 26 يوليو 2019، خرج رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب بتصريح ناري، غرضه في الأغلب تكسب انتخابي، «مطالباً منظمة التجارة العالمية بتغيير صفة مجموعة دول أعضاء، من بينها الإمارات وقطر والكويت، من نامية إلى متقدمة! مهدداً باتخاذ إجراءات أحادية تجاهها حال عدم حدوث ذلك».
السياسة لا حليف دائماً لها!
وقد حدد ترامب 90 يوماً لإجراء منظمة التجارة العالمية الإصلاحات المطلوبة.
قرأت بعض المقالات والتحليلات حول تصريح ترامب الخاص بتغيير صفة الدولة النامية التي حددها البنك الدولي على دخل الفرد أو الدخل الإجمالي القومي، وحددتها الأمم المتحدة على درجة تقدم وتطور الدول.
ولا أعلم ماذا سيفيدنا هذا التحليل؟ ترامب لا يكترث بالنقد ولا الإطراء، ولا بالعهود والمواثيق الدولية، هو ينقب عن مصالحه لا غير، ويجب أن يكون لدينا تصور مبدئي لما سيحدث في حال جرى تطبيق ذلك الإصلاح الترامبي؟
إليكم أهم المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية، التي تعتبر أساس النظام التجاري المتعدد الأطراف:
* التجارة من دون تمييز: «لا يجوز للبلدان الأعضاء بموجب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التمييز بين شركائها التجاريين.. وهناك استثناءات محددة لا تشمل الترضيات والواسطات والمساومات».
* المعاملة الوطنية: «المساواة في المعاملة للأجانب والمواطنين». بمعنى أن العنصرية مرفوضة، والتمييز على أساس الأصل والجنسية والمعتقد منبوذ، وتجب إعادة النظر في موضوع إحلال المواطنين محل الوافدين، تلك شروط منظمة التجارة العالمية التي يهمها كفاءة الإنسان لا مرجعياته وأصوله.
و«تجب معاملة المنتجات المستوردة والمنتجات المحلية بالتساوي»، والكويت بلد استهلاكي يستورد كل حاجاته وكمالياته ببركات مدخول النفط المنتج الطبيعي الثمين حالياً.
* تحرير التجارة: «يمكن أن يؤدي فتح السوق إلى تحقيق فوائد، ولكنه يتطلب أيضاً تعديلات». وتسمح اتفاقيات منظمة التجارة العالمية للبلدان بإجراء تغييرات تدريجية من خلال التحرير التدريجي. ولدى الدول النامية عموماً فترة أطول للوفاء بالتزاماتها، بعكس الدول المتقدمة التي عليها الالتزام بجدول زمني محدد كي لا تقع في المخالفات.
وإدارتنا الحكومية الرشيدة غالباً ما لديها خصومة شديدة مع التخطيط السليم المستند إلى جدول زمني دقيق للتنفيذ!
* القدرة على التنبؤ: ولا يتحقق ذلك إلا بتطبيق نظام الحوكمة، وللأسف حكومتنا لديها حساسية مفرطة من الشفافية والوضوح وتعشق التعتيم!
لذلك، قدرتنا على التنبؤ شبه منعدمة، والحكومة بنفسها تتذمر من بطئها وتخاذلها في إجراء الإصلاحات المستحقة، ولا يوجد مستثمر واع يرمي أمواله بالتهلكة إلا صائدي الفرص الذين لا أثر مستداماً إيجابياً لهم على الاقتصاد.
كيف تستطيع الكويت تخطي الأزمة الترامبية؟
هل بمضاعفة استثماراتنا في الولايات المتحدة؟ أم بعقد صفقات تسليح مليارية؟ أم بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني المدلل؟
وهل تقديم التنازلات يضمن لنا البقاء بسلام بعيداً عن التهديدات والاستفزازات؟
اليوم نحن ندفع ثمن الخلافات المتباينة التي تسود منطقتنا، والإصلاح لن يثمر بين الأيادي الجشعة والإرادة الحكومية المرتجفة.
بعد نظر وتخطيط وكفاءة.. ذلك ما ينقصنا.